مقال يشرح كيف تستعد المنظمات غير الربحية تسويقيًا لموسم العشر من ذي الحجة وتُفعّل فرص العطاء

مقال كيف تستعد تسويقياً لعشر ذي الحجة ؟

يُعد موسم عشر ذي الحجة من أهم المواسم في القطاع غير الربحي، حيث يتجدد فيه الأمل ويُفتح باب جديد للعطاء بعد شهر رمضان. هذا الموسم ليس مجرد امتداد زمني، بل هو الفرصة الثانية التي تأتي محمّلة بالإيمان، والفرص، والتفاعل الروحي مع جمهور العطاء. ولهذا، فإن التسويق خلاله لا ينبغي أن يُؤخذ بخفة، ولا أن يُدار بنسخ حملات رمضان، بل يحتاج إلى تخطيط محكم يبدأ قبل دخول العشر بوقت كافٍ.


الفرق بين رمضان والعشر يكمن في الطابع، لا في القيمة. فرغم التشابه في الإقبال، إلا أن عشر ذي الحجة تتسم بصفاء روحي أعلى، خصوصًا مع اقتراب يوم عرفة، الذي يُعد من أكثر الأيام التي تُقبل فيها النفوس على البذل. كذلك، تنخفض فيه المنافسة مقارنة برمضان، مما يمنح المنظمات مساحة أكبر للتميّز. من جهة أخرى، يُلاحظ أن فترات النهار تكون أكثر فاعلية من الليل، ما يعني ضرورة إعادة جدولة المحتوى والنشر والتفاعل بما يناسب طبيعة هذه الأيام.


في كل موسم، تظهر تحديات، وقد كشفت حملات رمضان السابقة عن عدد من الأخطاء التي وقعت فيها بعض الجهات، كضعف المحتوى، أو تقديم الرسائل بشكل تجاري مبالغ فيه، أو عرض المستفيدين بطريقة تجرح كرامتهم. هذه الأخطاء تترك أثرًا سلبيًا قد يمتد لما بعد الموسم، مما يحتم الاستفادة من التجربة وتحسينها قبل الدخول في العشر.


الاستعداد لهذا الموسم يبدأ من الآن، لا من اليوم الأول منه. الظهور المفاجئ وقت طلب التبرع بات مستهلكًا وغير مجدٍ. على المنظمة أن تبدأ ببناء حضورها منذ ما بعد رمضان، عبر مشاركة إنجازاتها، تسليط الضوء على القصص المؤثرة، وإرسال رسائل تبني الثقة بعيدًا عن طلب التبرع المباشر. الحملة القوية تنمو من علاقة مستمرة، لا من ظهور عابر.


واحدة من الركائز المهمة في أي حملة تسويقية هي اختيار اسم الحملة. فالاسم ليس مجرد عنوان يُطبع على التصميم، بل هو أول عنصر يترك أثرًا ويثير الفضول ويخلق الانجذاب. من المهم أن يكون الاسم قصيرًا، غير مكرر، ومعبرًا عن هوية المنظمة أو مشروعها. وقد ثبت أن الأسماء التي تمزج بين البُعد الروحي والفعل المؤثر تكون أكثر تأثيرًا، مثل “نور العطاء” أو “تبرع لتنجو”، حيث يجتمع فيها البعد القيمي مع الدعوة للفعل.


أما الرسائل التسويقية، فينبغي أن تكون مباشرة، تحفيزية، ومبنية على فهم واضح للجمهور. الجمهور اليوم لا يتفاعل مع العموميات، بل مع الرسائل التي تُخاطب مشاعره وتُرشده لفعل واضح، في توقيت مناسب، وبأسلوب يحترم وعيه الديني والاجتماعي.


من الأفكار الناجحة أيضًا في تسويق هذا الموسم، ربط كل يوم من أيام العشر بمشروع أو نوع من العطاء، مع توظيف المنتجات الموسمية مثل الأضاحي، الزكاة، الوقف، والهدية. كما أن إطلاق الحملة في أوقات الصباح أثبت فعاليته، بخلاف ما تعودت عليه بعض الجهات من الحملات الليلية في رمضان. الشعار القصير والمؤثر يضيف بُعدًا بصريًا يعزز من انتشار الرسالة، خاصة إن حمل دلالة قوية مثل “أفضل أيام الدنيا” أو “خير الأيام”.


أما من ناحية المحتوى، فإن التوازن مطلوب. يجب أن يحتوي على قصص واقعية، محتوى ديني موثوق، رسائل مباشرة لحالات فردية، وتحديثات دورية تعكس تطور الحملة دون مبالغة أو كشف صريح بالأرقام. الجمهور يثق في الجهة التي تبني قصتها بشفافية وتواضع.


في جانب أدوات التسويق، من الذكاء استثمار صغار المؤثرين، لا سيما من لديهم علاقة مباشرة بالمجتمع المحلي، أو ممن تبرعوا سابقًا للجهة، أو حتى المتطوعين الرقميين. هذه الفئات أثبتت أنها أكثر فعالية وأقل تكلفة، خصوصًا للمنظمات الصغيرة أو التي تأخرت في الانطلاق.


ويبقى التحدي الأكبر الذي تواجهه كثير من الجهات هو غياب المنتج المناسب للموسم، أو التأخر في تفعيله. وهنا يمكن الالتفاف على ذلك من خلال ربط المنتجات القائمة بسياق العشر أو الحج أو مكة، مثل “هدية حاج”، “وقف لضيوف الرحمن”، أو “زكاة أيام مباركة”.


في الختام، لا تنتظر دخول العشر لتبدأ. الحملة القوية تُبنى مبكرًا، ولو بميزانية بسيطة. الاستعانة بخبير، مراجعة الحملات السابقة، والظهور المتدرج كلها خطوات تصنع فرقًا حقيقيًا. من يظهر قبل وقت التبرع، يُكسب ثقة المتبرع، ويؤسس لحملة ناجحة اليوم، ومستدامة في المستقبل.


قدمنا لقاء مساء البارح عن هذا الموضوع تستطيع ان تصل للتسجيل :

الرابط : https://www.youtube.com/watch?v=HxRI-QsR4o0

مشاهدة ممتعة.